إستعراض النسور والصقور للطيران فوق مركز رعاية النسور و الصقور في مدينة بريجنتس النم

إستعراض النسور والصقور للطيران فوق مركز رعاية النسور و الصقور في مدينة بريجنتس النمساوية

د . عدنان جواد الطعمة

إتفقت مع زوجتي بأن أسافر يوم الجمعة المصادف في 12 حزيران 2009 بالباخرة إلى مدينة بريجينتس النمساوية المطلة على بحيرة بودن سي الألمانية .

كان هدفي من هذه الرحلة الصعود إلى قمة جبل المدينة بالمركبة الكهربائية فايندر .

علمت أن حديقة الحيوانات و رعاية النسور و الصقور موجودتان فوق هذا الجبل .

واتفقنا ، زوجتي وأنا ، أن نلتقي مساءا في الساعة الثامنة في مطعم الفندق الذي أقيمت فيه الدورة التعليمية الطبية لعلاج مراكز طاقة الجسم التي ستنتهي في الساعة السادسة مساءا .

خرجنا سوية بعد الفطور مباشرة و سرنا باتجاه الفندق و مركز السفريات لشراء تذكرة السفر

بالباخرة Karlsruhe من مدينة كونستانتس Konstanz إلى مدينة بريجينتس Bregenz النمساوية .

[

ذهبت زوجتي إلى محاضراتها و ذهبت إلى مركز بيع التذاكر واقتنيت تذكرة السفر .

ثم ذهبت إلى موقع إبحار السفينة و جلست على مصطبة جميلة لإنتظار موعد إنطلاق السفينة كارلس روهه .

و في الساعة التاسعة وأربعين دقيقة تحركت سفينتنا باتجاه بريجينتس و مررنا و توقفنا في ةعدة مدن و قرى و جزر :

Hagnau و Immenstaad و Friedrichshafen و Langenargen و Kreissbrunn و Nonnenhorn
و Wasserburg و Lindau .

وصلنا مدينة بريجينتس في الساعة الواحدة و نصف ظهرا .

معنى ذلك أن الرحلة البحرية من مدينة كونستانتس Konstanz الألمانية إلى مدينة بريجينتس النمساوية Bregenz إستغرقت أربع ساعات .

وهذه الرحلة كانت من أطول الرحلات التي قمت بها في بحيرة بودن سي الألمانية .

إستغربت جدا من أني أسافر إلى دولة ثانية لم أشاهد شرطة حدود أو مركزا لتفتيش و ختم جوازات السفر .

تمنيت أن تلغى الحدود الإصطناعية من وطننا العربي الكبير ، بحيث تنتعش

الحركة الإقتصادية و حركة السياحة والتجارة و السفر بين البلدان العربية كلها .

حال وصولنا رصيف ميناء مدينة بريجينتس نزلنا من الباخرة كارلس روهه

و اتجهنا با تجاه العربة الكهربائية أو المصعد الكهربائي الذي ينقلنا إلى أعلى الجبل .

وإسم هذه المركبة أوالعربة فايندر .

تم بناء مركبة فايندر عام 1927 و أصبح بناؤها حدثا تاريخيا و معجزة تقنية ،

حيث جلبت آلاف السائحين و الزوار في حينه من المدن و القرى و الجزر في بحيرة بودن سي .

تنقل المركبة فايندر المسافرين إلى أعلى الجبل لمدة زهاء ست دقائق

وتقطع مسافة قدرها 1064 مترا .

و حتى أهالي مدينة بريجينتس يفضلون الصعود إلى أعالي الجبل بواسطة مركبة فايندر المتأرجحة ،

وكانها ترقص وفق هبوب الهواء .

يتمكن السائح من رؤية سواحل البحيرة كلها عندما يكون فوق الجبل .

تنقل مركبة فايندر هذه يوميا بمعدل 370 راكبا في الساعة .

و تنقل بمعدل نصف مليون راكبا في السنة .

نقلتنا هذه العربة في مدة ست دقائق إلى إرتفاع و مسافة 1064 مترا ,

و في المركبة الكهربائية كنا ما يقارب ثلاثين إلى أربعين شخصا .

قمت بالتقاط أجمل الصور للبحيرة و جبال الألب و المزارع

و مدينة بريجينتس و كل المناظر الطبيعية الجميلة .

طلبت من إحدى البنات أتن تصورني للذكرى و صورتها مع صديقتها .

وصلنا إلى آخر المحطة ونزلنا فوجدت أمامنا ساحة واسعة

و على اليمين الجبال و المزارع الخضراء الزاهية بالخضرة .

ثم وجدت مطعما و فيراندا يمكن للمرء أن يجلس و يتغدى و يتمتع بالمناظر الرائعة .

شاهدت خارطة جميلة للسير على الطرق المختلفة المؤدية إلى المدينة

و الغابات القريبة و إلى رعاية النسور والصقور .

ومن مركز رعاية النسور و الصقور يؤدي الطريق إلى محطة الفايندر للعودة إلى المدينة .

سرت بادئ الأمر باتجاه اليمين و شاهدت أحلى المزارع

و سلسلة جبال الألب البعيدة مغطاة بالثلوج و القريبة مكسوة بالأشجار الباسقة

و المزارع المغطاة بالخضرة و الشجيرات الصغيرة .

إلتقطت صورا كثيرة لهذه المناظر ثم اتجهت إلى الجانب الأيسر

و سرت في طريق عرضه تقريبا ثلاثة ونصف مترا .

وعلى جانبي الطريق شاهدت سياجا أو سورا مرتفعا من الأسلاك المعدنية الشائكة لحديقة الحيوانات .

إلتقطت لها صورا مختلفة و انحدرت من سطح الجبل فوصلت إلى طريقين أحدهما

يؤدي إلى المدينة و الغابة القريبة ثانيهما يؤدي إلى مركز رعاية النسور

و الصقور المختلفة باتجاه اليسار و يؤدي أيضا إلى صعود الجبل إلى محطة مركبة الفايندر للعودة إلى المدينة .

كان الجو حارا لطيفا و الغيوم القليلة منتشرة في السماء و الشمس مشرقة .

ومن حسن الحظ وصلت مركز رعاية الصقور و النسور قبيل بدء إستعراض الصقور والنسور المختلفة في الساعة الثانية ظهرا بدقائق معدودة .
دخلت مركز رعاية الصقور و النسور بعد أن اقتنيت تذكرة الدخول و ذهبت مع عشرات السائحين و الزائرين و جلست في أحد المقاعد المخصصة .

و في الثانية ظهرا حضرت سيدة و ثلاثة رجال مختصين بتربية و علاج و تدريب الصقور و النسور .
قامت السيدة بإلقاء كلمة ترحيب و تحدثت عن تاريخ نشوء هذا المركز و عن أنواع مختلفة للصقور و النسور التي تمت رعايتها و تدريبها .

ثم بدأت بإطلاق سراح أول صقر جميل طار إلى الأعلى و حام حول المركز ثم أغار و هبط باتجاه أحد المدربين الذي أراه قطعة لحم أو عصفورا بيده .

ثم جاء أحد المدربين و بيده صقر كبير في غاية الجمال .

و مر أمامنا وكان يحدث الصقر بصوت هادئ وكأنه يناغيه و يداعبه .

و كنت أرى حركات الصقر و نظراته التي كان يوجهها إلى المدرب مرة

وكأنه يعتب عليه عليه وتارة يصرخ في وجهه وكأنه يقول له : يالله أطلق سراحي !

و تارة يدير ظهره عليه متكبرا .

و في تلك اللحظات بدأت أقرأ لنفسي قصيدة " يا صقر " للأمير خالد الفيصل :

يا صَقـَرْ

للأمير خالد الفيصل

يا صَقَرْ واهَنِيَّكْ لِكْ جَناحٍ تِطيرْ لَى طَرالَكْ نِزَعْـتْ وْ طِرْت يَمّ الهَوَا

بَيْنْ قَلْبي وْ بَيْنَكْ فَرْقْ وَ اللّه كَبيرْ إِنْ كِفَخْتْ انْطَلَقْتْ وْلَىكَفَخْتْ التوَى

انْتْ حَايِمْ وَانَا بَالْقاعْ دوبي أَسِيرْ في صَحاري زِمَانِي ذِيبْ لَيْلِي عَوَى

فَوْقْ جَوَّكْ سَحَابْ وْ حَدِرْ جَوِّي هَجِيرْ الْقَدَم فَوْق رَمْضَا و الْخَفُوق اكْتَوَى

الْحَذَرْ يَا صَقَرْ لا يـشبكُونَكْ أَسِيرْ وَيْلْ صَقْرٍ يـِتلَّهْ مَرْبـطَهْ لَى نَوَى

برْقَعَتـْه اللَّيَالي فَوْق وَكْرٍ قَصِيرْ عُقُبْ صَفْقَةْ جَنَاحَهْ بَالْهوَا لـَ اهْتَوَى

كِلْ حُرٍ إِلَى ضَاقْ أَنْتهَضْ لَلْمَطِيرْ حوْمِتهْ بالسِمَا سَاعَةْ لْقلْبهْ دُوَا

وَا عَذَابَ الجَنَاحْ اللّـي يجِرَّهْ كسيرْ كِلْ مَا فَزّ مَكْسُور النَّواهِضْ هَوَى

ثم حضر مدرب و معه نسر من خلفنا و أطلق سراحه . فحلق النسر إلى الأعلى وطار نحو البحيرة ثم عاد .

إستمر إطلاق سراح الصقور والنسور بالتناوب من قبل المدربين و المدربة في أسلوب شيق و تناسق .

كانت الصقور والنسور تهبط باتجاهات مختلفة تبعا لوجود مدربها . مرة تهبط أمامنا من جهة اليمين وتارة أمامنا من جهة اليسار و أخيرا خلفنا على الجهة اليسرى بالقرب من مدخل المركز .

و أخيرا جلبت السيدة أكبر نسر في العالم طول جناحيه ثلاثة أو أربعة أمتار لا أتذكر العدد بالضبط للأسف .

نسر رهيب و مرعب حقا و أتصور بإمكانه أن ينقض بمخالبه القوية الجارحة على غزالة و يقطعها إربا إربا ثم يفترسها .
و بعد حوالي ساعتين إنتهى الإستعراض الرائع للنسور و الصقور .

ذهبت صاعدا الجبل إلى محطة العربة الكهربائية فايندر التي نقلتنا إلى المدينة بريحنتس .

ألمانيا في 11 نوفمبر 2009

[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B][/CENTER]